في قلب جماعة گيسر، وتحت أنظار الجميع، تموت “عين گيسر” ببطء مخزٍ، كما تُدفن الذاكرة الجماعية لقبيلة أولاد سيدي بنداود، في حفرة من التهميش والنسيان. تلك العين التي كانت رمز حياةٍ وسخاء طبيعي، أصبحت اليوم عنواناً صارخاً للفشل التنموي والإقصاء المتعمد.
“مشروع إعادة تأهيل العين”… ما أكثر ما سمعناه عنه في خطابات المسؤولين، وما أقلّ ما رأيناه على أرض الواقع! وعود كثيرة، دعاية أكثر، وأفعال؟ صفرٌ كبير. فالعين ما زالت في وضع مأساوي، تنهشها الأعشاب الجافة، وتحتقرها نظرات المسؤولين العابرين في زيارات بروتوكولية لا تحمل لا ماءً ولا حياة.
من المسؤول؟ من سمح بتحويل هذه المعلمة الطبيعية إلى أطلال؟
أين الجهات المعنية التي صرفت الملايين على دراسات وشعارات دون أن تنبت قطرة ماء واحدة من قلب الأرض؟
أين من يدّعون الدفاع عن “العدالة المجالية” وهم يدفنون معالم قرانا قيد الحياة؟
حسب الفصل 31 من الدستور المغربي، فإن من حق المواطن “التمتع بالماء والعيش في بيئة سليمة”، لكن الواقع في گيسر يقول عكس ذلك تماماً: بيئة مهملة، موارد ضائعة، وموروث طبيعي يُهدم بصمت!
ولأن السكوت جريمة، نوجّه عبر هذا المنبر نداءً صارخاً إلى:
السيد عامل إقليم سطات
وزير التجهيز والماء
وكالة الحوض المائي
والمجالس المنتخبة النائمة
كفى عبثاً!
كفى استهتاراً بمطالب الناس!
كفى حفر القبور للذاكرة المحلية بأيدي من وُضعوا لحمايتها!
“عين گيسر” لا تحتاج إلى شعارات جديدة ولا إلى صور أمام كاميرات الصحافة الرسمية… بل إلى قرارات جريئة ومحاسبة حقيقية لكل من تركها تموت وهي تنادي بالحياة.
إلى متى سيظل صوت القبيلة يُخنق بين ركام الوعود؟
إلى متى ستُمارس سياسة التجاهل الممنهجة تجاه المناطق التي لا تصرخ كفاية أمام الكاميرات؟
الجواب لدى من بيدهم القرار، أما نحن، فسنظل نفضح، ونكتب، ونُشهّر بكل من يستهين بتاريخ، وهوية، وماء قبائل هذا الوطن.
“عين گيسر”… ستعود يوماً، وسيندحر الإهمال.
✍️ بقلم: هيئة تحرير جريدة الفضيحة




