بوسكورة… مدينة تختنق بين الإهمال وتلوّث مياهها الجوفية.

لم يعد ما يحدث في بوسكورة مجرّد اختلالات عابرة أو أخطاء تقنية يمكن التغاضي عنها. ما تعيشه المدينة اليوم فضيحة عمرانية وبيئية بكل المقاييس، يدفع ثمنها المواطن قبل أي طرف آخر. تلوّث المياه الجوفية، غياب شبه تام للبنيات الأساسية لمياه الصرف الصحي، وحفر تعالجها جماعة بوسكورة بـ”الترقيع” بدل الحلول الجذرية… هذا هو واقع مدينة تُقدَّم على الورق كقطب حضري واعد، لكنها على الأرض تغرق في العشوائية الناجمة عن عقود من سوء التسيير.

لسنوات طويلة، ظل سكان بوسكورة يشاهدون نموّ التجمعات السكنية والمشاريع الجديدة كالفطريات، من دون أن يرافقها أي تخطيط حضري يحترم أساسيات العيش الكريم، وفي مقدمتها شبكة صرف صحي تحمي الماء والتربة والإنسان. وبدل أن تُمدّ المدينة ببنية تحتية حقيقية، كان الحلّ—بحسب ما يتداوله السكان والفاعلون المحليون—هو حفر حفر عشوائية بجانب المشاريع لتصريف المياه فيها، لتتحول إلى قنابل بيئية صامتة تتسرب منها الملوثات نحو المياه الجوفية التي لطالما عُرفت بجودتها ووفرتها.

ورغم بعض التحركات المحدودة مؤخراً، والتي جاءت بتوجيه من السلطة المحلية، خصوصاً تدخلات السيد العامل، فإن ما أُنجز يظل قليلاً جداً أمام حجم الكارثة، ولا يغطي سوى أجزاء بسيطة من المدينة. بوسكورة تحتاج إلى مشروع شامل، لا حلولًا تجزيئية.

لذلك، نرفع صوتنا عالياً:
نطالب السيد عامل إقليم النواصر باتخاذ قرارات حاسمة توقف هذا النزيف البيئي، وفتح تحقيق شفاف يحدد المسؤوليات، ويشمل كل من منح رخص الحفر أو سمح بالتجاوزات التي دمّرت النظام البيئي للمدينة. كما نطالبه بالإسراع في إطلاق برنامج شامل لربط كافة أحياء بوسكورة بشبكة صرف صحي محترمة، تليق بمدينة يفترض أن تكون نموذجاً للتنمية لا مثالاً للإهمال.

بوسكورة اليوم لا تحتاج مسكّنات.
بوسكورة تحتاج إنقاذاً حقيقياً… قبل فوات الأوان.

شارك الخبر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top