تابعت الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد بالمغرب بقلق بالغ ما ورد في التقرير السنوي لمؤسسة وسيط المملكة برسم سنة 2024 من رصد لاختلالات مقلقة على مستوى منظومة التغطية الصحية والتأمين الإجباري عن المرض، والتي من شأنها إضعاف الأثر الاجتماعي المنتظر من ورش الحماية الاجتماعية وتقويض فعاليته في تحقيق العدالة الصحية والإنصاف الاجتماعي.



ويهم المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد بالمغرب أن تعبر عن انشغالها الكبير إزاء استمرار مشكلات بنيوية تتعلق بتأخر تعويضات المصاريف الطبية ورفض تعويض عدد من الأدوية الأساسية رغم الترخيص بتسويقها فضلا عن تدخل بعض صناديق الاحتياط الاجتماعي في قرارات الأطباء بما يمس بحرمة العلاقة العلاجية ويضعف ثقة المواطن في النظام الصحي، كما أن غياب الشفافية حول طبيعة الخدمات المشمولة بالتغطية يربك المستفيدين ويجعل الولوج إلى العلاج محفوفا بالتعقيد والغموض.
فما كشفت عنه مؤسسة الوسيط بشأن نسب الاسترجاع التي لا تعكس الكلفة الحقيقية للعلاج يطرح بحدة ضرورة مراجعة التعريفة المرجعية الوطنية بما يتلاءم مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية ويحقق التكافؤ والعدالة في تحمل التكاليف.
أما من جهة أخرى فإن الصعوبات المسجلة في تعميم التأمين الإجباري خاصة ما يتعلق بالولوج الرقمي والتسجيل عبر المنصات الإلكترونية يعكس غياب سياسة مواكبة حقيقية للفئات الهشة، ويؤدي إلى تفشي ظواهر الاستغلال والوساطة غير القانونية ويفضي إلى أخطاء تحرم فئات واسعة من حقوقها الدستورية، بالإضافة أن اعتماد مؤشرات غير منصفة في تحديد الاستحقاق للاستفادة واحتساب اشتراكات لا تراعي القدرة الاقتصادية الفعلية للأسر يشكل ضربا لمبادئ العدالة الاجتماعية ويؤدي إلى عزوف أو انسحاب عدد من المواطنين من هذا الورش الوطني ما يتنافى مع روح المشروع وأهدافه.
وعليه تنبه الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد بالمغرب إلى خطورة هذه الاختلالات وتداعياتها فإنها تدعو الحكومة والجهات الوصية إلى التجاوب الجدي مع المطالب التالية:
✔ مراجعة التعريفة المرجعية الوطنية لتكون أكثر واقعية وعدلا في تغطية المصاريف الطبية.
✔ توسيع لائحة الأدوية المعوض عنها لتشمل الأدوية الحيوية لعلاج الأمراض المزمنة والمكلفة.
✔ ضمان استقلالية الممارسة الطبية، ومنع تدخل الصناديق في قرارات الأطباء.
✔ تعميم الولوج الرقمي الميسر والمواكبة التقنية للفئات الهشة عبر مراكز إرشاد وقنوات مساعدة.
✔ مراجعة معايير الاستهداف الاجتماعي باعتماد مؤشرات تعكس الوضعية المعيشية الحقيقية للأسر لا فقط ممتلكاتها السطحية.
✔ ملاءمة قيمة الاشتراكات مع القدرة الشرائية للفئات المستهدفة وخاصة أصحاب الدخل المتقلب أو المحدود.
✔ منع استخدام الدعم الاجتماعي في أداء اشتراكات التأمين الصحي، وضمان استقلالية كل دعم في مجاله.
✔ إرساء آليات فعالة للتحقق من مزاولة الأنشطة المهنية لضمان العدالة في التصنيف والانخراط.
✔ ربط المسؤولية بالمحاسبة في تدبير الصناديق الاجتماعية لضمان الشفافية والنزاهة والفعالية.
وختاما تؤكد المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد بالمغرب أن الحق في الصحة هو من الحقوق الأساسية غير القابلة للتجزيء وتدعو إلى تصحيح المسار التشريعي والتنفيذي لورش الحماية الاجتماعية بما يضمن كرامة المواطن ويصون المكتسبات الاجتماعية في إطار دولة الحق والقانون.
إمضاء: عبد الرحمن خنوس الأمين العام للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد بالمغرب.