ر
🖋️ انوار العسري
العرائش 25دجنبر 2025
لم تعد مدينة العرائش، جوهرة الشمال كما عُرفت لعقود، تلك المدينة التي يتغنى بها أبناؤها ويقصدها زوارها بحثًا عن النقاء، الشوارع النظيفة، الأشجار الوارفة، والفضاءات التي تعكس روح الانتماء والعيش المشترك. اليوم، يجد المتتبع نفسه أمام مدينة مثقلة بالحواجز، مثخنة بالإهمال، غارقة في فوضى عمرانية وبنية تحتية متهالكة، وكأنها تُدفع ببطء نحو النسيان.
العرائش التي كان ماضيها أجمل من حاضرها، تحولت في ظرف سنوات قليلة إلى كتل إسمنتية صمّاء، بلا روح ولا هوية. غاب التخطيط، وتراجع الحس الجمالي، واختنق الفضاء العام، في وقت كان من المفروض أن تواكب المدينة تحولات التنمية المستدامة وتستثمر مؤهلاتها التاريخية، البحرية، والثقافية.
أزمة العرائش اليوم ليست مجرد انطباع عابر، بل واقع ملموس يعيشه المواطن يوميًا. شوارع محفّرة غير صالحة للسير، انهيارات متتالية للأزقة والطرقات، ظهور حفر مفاجئة تشكل خطرًا حقيقيًا على الراجلين والسائقين، دون سابق إنذار أو إشارات تحذيرية. والأدهى من ذلك، هو الصمت المريب الذي يقابل به هذا الوضع من طرف المسؤولين، وكأن ما يجري لا يعنيهم أو لا يستحق الاستنكار.
في ظل هذا المشهد القاتم، يتساءل الشارع العرائشي:
أين ذهبت ميزانيات الإصلاح؟
من يراقب جودة الأشغال؟
ومن يتحمل مسؤولية ما آلت إليه أوضاع المدينة؟
إن غياب الوعي السياسي، وضعف الحكامة المحلية، وتراكم الأزمات دون محاسبة، جعلت الخطابات والوعود مجرد حبر على ورق، لا أثر لها في واقع المواطن. مشاريع تُعلن ولا تكتمل، وأشغال تُنجز بسرعة لتُعاد من جديد، في حلقة مفرغة تستنزف المال العام دون نتائج ملموسة.
العرائش لا تحتاج إلى المزيد من الشعارات، بل إلى إرادة حقيقية، ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإشراك فعلي للمجتمع المدني والساكنة في تتبع الشأن المحلي. فالمدينة ليست ملكًا لفترة انتخابية، بل أمانة في أعناق من يسيرونها.
ويبقى حلم أن تعود العرائش جوهرة الشمال، مدينة نظيفة، منظمة، وذات روح، معلقًا في طي النسيان… إلى أن يُكسر جدار الصمت، ويُفتح ملف المسؤولية بجرأة وشفافية.


