في زمن تتشابك فيه خيوط الفساد مع تدبير الشأن المحلي، يبرز اسم رئيس جماعة تبانت (آيت بوكماز) كنموذج استثنائي لرجل اختار الاصطفاف في مقدمة صفوف المحتاجين، مدافعًا عن هموم منطقته وأبنائها بصدق ومسؤولية. إنه نموذج للمسؤول الذي يبرهن أن الأيادي النظيفة يمكن أن تُحدث الفرق، حتى في مواجهة من جعلوا من المال العام وسيلة للإثراء غير المشروع.

إن مسيرة هذا الرئيس الشهم والمناضل تُعطي الأمل بأن النزاهة لا تزال ممكنة في تدبير الشأن العام، بعيدًا عن وحل الصفقات العمومية المشبوهة. ففي الوقت الذي يكتفي فيه بعض رؤساء الجماعات بلعب دور المتفرّج أو المتستّر، خشية انكشاف بطونهم الممتلئة بما ليس لهم، نجد هذا الرجل يثبت أن المسؤول الحقيقي هو من تكون مصالح المواطنين نصب عينيه.
للأسف، هناك في المقابل من يتسترون وراء جمعيات أو تعاونيات أو حتى صفحات فايسبوكية، يوهمون الناس بأنشطتهم «الورقية» وصورهم المتداولة، بينما الحقيقة أنهم فقدوا القدرة على الترافع والدفاع عن أبسط حقوق الساكنة. ذلك لأنهم ببساطة غارقون في الريع الذي يشلّ أقلامهم وأصواتهم، ويجعلهم مجرّد أدوات للتنويم المغناطيسي لعقول ضعيفة لا تملك آليات التفكير النقدي.
الأدهى أن هؤلاء يدّعون امتلاك صفات «الفاعلين» بينما واقعهم لا يتعدّى كونهم مسترزقين من التمويلات والدعم العمومي، يقتاتون من المشاريع الصورية والندوات الفارغة. بل أكثر من ذلك، يُوجّهون بعض الشباب بوعود كاذبة وأحلام وردية لا أساس لها سوى مصلحة خاصة تُغذّي شبكات الزبونية والمحسوبية.
وفي ظل هذه الصورة القاتمة، يظل رئيس جماعة تبانت علامة فارقة ونموذجًا نادرًا في زمننا هذا، يذكّرنا بأن الأمل في المسؤول الشريف لا يزال قائمًا، وبأن صوت المواطن الحر يجب أن يعلو فوق كل حسابات الربح والريع.
إن هذا الرجل لم يختر الاصطفاف في الصفوف الأمامية من أجل الصورة أو الترويج الفارغ، بل لأنه يؤمن أن مكانه الطبيعي إلى جانب من انتخبوه، حاملاً همومهم ومطالبهم، ومدافعًا عن أبسط حقوقهم. وهكذا، يصبح مثله منارة مضيئة وسط عتمة واقع سياسي محلي ما يزال يحتاج إلى المزيد من أمثاله.