انوار العسري ✍️✍️
شهدت المدينة العتيقة بالعرائش، وتحديدًا بحي الكبيبات، عشية يوم الأربعاء 17 دجنبر الجاري، انهيار منزل قديم غير مأهول، دون تسجيل خسائر بشرية، في حادثة أعادت إلى الواجهة واقع البنايات الآيلة للسقوط وما يرافقه من مخاطر حقيقية تهدد سلامة المواطنين.


وحسب المعطيات المتوفرة، فإن المنزل المنهار ظل مهجورًا لأزيد من عشرين سنة، وكان يعاني من تشققات وتصدعات واضحة، ظلت شاهدة على الإهمال الذي طال هذا النوع من المباني، في غياب تدخل جذري يعالج الإشكال من جذوره. كما ساهمت التقلبات الجوية الأخيرة في تسريع وتيرة الانهيار، في سيناريو كان متوقعًا ولم يكن مفاجئًا.
ورغم أن السلطات المحلية كانت قد أقدمت في وقت سابق على إغلاق الممر المجاور للمنزل كإجراء احترازي، وهو ما جنب المنطقة كارثة إنسانية، فإن هذا التدخل يظل جزئيًا وظرفيًا، ولا يعفي الجهات المسؤولة من مسؤوليتها في التأخر الواضح عن معالجة ملف الدور الآيلة للسقوط، خاصة بالمدينة العتيقة التي تعرف هشاشة معمارية مزمنة.
وقد سبق لعدة هيئات وجمعيات ومنظمات حقوقية أن دقت ناقوس الخطر مرارًا، محذرة من الوضعية الخطيرة التي توجد عليها العديد من البنايات القديمة، ومطالبة ببرامج استعجالية لإعادة التأهيل أو الإفراغ والهدم وفق مساطر قانونية واضحة، غير أن هذه النداءات ظلت، في كثير من الأحيان، حبيسة الرفوف.
إن تكرار حوادث الانهيار، سواء مع خسائر بشرية أو بدونها، يطرح علامات استفهام كبيرة حول نجاعة السياسات العمومية المتبعة، وحول مدى تحمل الجهات الوصية لمسؤولياتها القانونية والأخلاقية في حماية أرواح المواطنين. فالاكتفاء بتطويق الأماكن المنهارة بعد وقوع الحادث لا يمكن اعتباره حلاً، بقدر ما هو اعتراف ضمني بتقاعس سابق قد تكون كلفته أفدح في مرات أخرى.
ويبقى السؤال المطروح بإلحاح: إلى متى ستظل البنايات الآيلة للسقوط قنابل موقوتة في قلب المدينة العتيقة؟ ومن يتحمل مسؤولية انتظار الكارثة بدل الوقاية منها؟ أسئلة تستوجب أجوبة واضحة وإجراءات عاجلة قبل فوات الأوان.
