هزّت قضية الشاب المغربي هيثم، المقيم بمدينة مالقا الإسبانية، الرأي العام داخل الجالية المغربية وأوساط واسعة من المجتمع الإسباني، بعد وفاته المأساوية خلال تدخل أمني، في حادث أعاد إلى الواجهة نقاشًا حادًا حول العنصرية، استعمال القوة، وضرورة احترام حقوق الإنسان.
وتعود فصول القضية إلى دخول هيثم أحد محلات بيع الهواتف من أجل اقتناء شاحن، قبل أن يتعرض، حسب روايات متداولة، لمعاملة عنصرية من طرف صاحب المحل، ما أدى إلى مشادات كلامية. لاحقًا تدخلت الشرطة، غير أنها اعتمدت رواية صاحب المحل، ووجهت لهيثم تهمة السرقة، وهي التهمة التي يطعن فيها نشطاء وفعاليات حقوقية. وخلال محاولة توقيفه، تم استعمال الصاعق الكهربائي، ما أدى إلى وفاته في ظروف غامضة ما تزال تثير الكثير من التساؤلات.
هذه الواقعة فجّرت موجة غضب واحتجاجات حاشدة شارك فيها مغاربة وإسبان، مطالبين بكشف الحقيقة كاملة، ونشر تسجيلات كاميرات المراقبة داخل المحل، وفتح تحقيق نزيه وشفاف يحدد المسؤوليات ويضمن العدالة لهيثم وعائلته.
وفي هذا السياق، سجلت قناة شوف تيفي حضورًا إعلاميًا لافتًا، حيث كانت القناة المغربية الوحيدة التي انتقلت إلى مدينة مالقا، متحملة عناء السفر من أجل نقل الحقيقة من عين المكان، وإيصال صوت المحتجين والجالية المغربية للرأي العام المغربي والإسباني على حد سواء.
وقد قادت هذه التغطية الميدانية الصحفية فاطمة الزهراء، التي أبانت عن مهنية عالية وشجاعة صحفية، من خلال نقلها المباشر للأحداث، واستماعها لشهادات المحتجين والفاعلين الجمعويين، وتقديمها صورة واقعية وموضوعية عن حجم الغضب والمطالب العادلة بالإنصاف. حضورها في الميدان جسّد صحافة القرب، الصحافة التي تضع الحقيقة وكرامة الإنسان في صلب رسالتها.
كما كان أنوار الدحماني، المعروف بـ“نور زينو”، الفاعل الجمعوي والعضو السياسي بحزب النهضة واتحاد أوروبا (PRUNE)، حاضرًا في الاحتجاجات، حيث أدلى بتصريحات لقناة شوف تيفي شدد فيها على ضرورة فتح تحقيق مستقل، ونشر كل المعطيات المتعلقة بالقضية، معتبرًا أن العدالة والشفافية هما السبيل الوحيد لإنصاف الضحية وتهدئة الغضب المتصاعد داخل الجالية.
قضية هيثم لم تعد مجرد حادث معزول، بل تحولت إلى قضية رأي عام، تكشف أهمية الإعلام الميداني الجاد، ودور الفاعلين الجمعويين في الدفاع عن الحقوق، وتؤكد أن الحقيقة، مهما تأخر ظهورها، تبقى مطلبًا لا يمكن إسكاتُه. وفي انتظار نتائج التحقيقات، يظل الشارع يرفع صوته: العدالة لهيثم… والحقيقة أولًا وأخيرًا .




