✍️رضى الملياني
الدار البيضاء، السبت 22 نونبر 2025
يشكل تحديث الإدارة القضائية في المغرب أحد المرتكزات الأساسية لإصلاح منظومة العدالة، بالنظر إلى دوره في تعزيز الحكامة الجيدة والشفافية وجودة الخدمات العمومية. وفي هذا السياق، أعلنت رئاسة النيابة العامة عن إطلاق خدمة رقمية جديدة موجهة للمرتفقين، تهدف إلى تطوير قنوات التواصل بين المواطنين والنيابات العامة بمختلف محاكم المملكة. وتعكس هذه المبادرة الإرادة المؤسسية في تبني مقاربات حديثة تعتمد على التكنولوجيا لتعزيز القرب وتجويد الأداء الإداري والقضائي.
الخدمة الجديدة تقوم على اعتماد تطبيقية معلوماتية متطورة تمكن المواطنين من التوصل بإشعارات فورية عبر رسائل نصية قصيرة، فور اتخاذ أي إجراء يتعلق بالشكايات أو التظلمات المودعة لدى النيابات العامة. وينتظر أن تساهم هذه الآلية في الرفع من مستوى الشفافية، من خلال تمكين المرتفق من تتبع مسار ملفه لحظة بلحظة دون الحاجة إلى التنقل أو الاستفسار المباشر، مما يختصر الوقت والجهد ويبسط المساطر بشكل ملحوظ. ويمثل هذا التحول الرقمي خطوة نوعية في سبيل تحديث العمل القضائي، لما يوفره من سرعة في تبادل المعلومات ودقة في تدبير المعطيات المتعلقة بالملفات.
إن هذه المبادرة تندرج ضمن أولويات المخطط الاستراتيجي لرئاسة النيابة العامة الرامي إلى تطوير مرفق العدالة، عبر تحسين الولوج إلى المعلومة وتبني أدوات رقمية تعزز النجاعة والفعالية. كما تأتي انسجاما مع المبادئ الدستورية التي تكرس الحق في الحصول على المعلومات وربط المسؤولية بالمحاسبة، إضافة إلى تقوية ثقة المواطن في المؤسسات القضائية. وتعزز أيضا توجه المغرب نحو اعتماد منظومة “العدالة الإلكترونية”، التي تشكل إحدى الركائز الحديثة المعتمدة على المستوى الدولي لضمان الشفافية والسرعة في معالجة القضايا.
ومن شأن هذه الخدمة أن تساهم في تخفيف الضغط على مكاتب الاستقبال بالمحاكم، وتقليل حجم الاستفسارات المباشرة، كما ستمكن النيابات العامة من تنظيم أفضل لتدبير الشكايات بفضل قاعدة بيانات زمنية دقيقة حول تطور كل ملف. وإلى جانب البعد التقني، تعكس هذه الخطوة إرادة مؤسساتية في تعزيز التواصل مع المواطن وترسيخ بعدي القرب والجودة في الأداء، بما يعزز ثقة المجتمع في العدالة ويؤكد على التزام رئاسة النيابة العامة بمواصلة تحديث أساليب عملها وتحسين الخدمات المقدمة للمرتفقين.
وبذلك يمكن اعتبار إطلاق هذه الخدمة الرقمية مرحلة جديدة في مسار إصلاح القضاء المغربي، وخطوة عملية تساهم في تعزيز فعالية الإدارة القضائية وترسيخ قيم الشفافية والحكامة. ومن المتوقع أن ينعكس هذا التطور إيجابا على علاقة المواطن بمؤسسات العدالة، وأن يدعم الجهود الرامية إلى بناء نموذج قضائي متطور ومتجاوب مع حاجيات المجتمع، قائم على التواصل السلس والوضوح والتفاعل الفوري مع انتظارات المرتفقين.

