أيت الرخاء

في الوقت الذي كان ينتظر فيه أبناء منطقة أيت الرخاء أن يشكل “مهرجان أيت الرخاء” مناسبة للاحتفاء بالهوية الثقافية المحلية وتعزيز التلاحم المجتمعي، تفاجأ العديد منهم بما وصفوه بـ”التمادي في الإقصاء والتهميش”، سواء على مستوى التنظيم، أو اختيار الفعاليات، أو التمثيلية الإعلامية والثقافية.
فبينما تحمل التظاهرة اسماً يُفترض أن يعكس خصوصية منطقة أيت الرخاء، يرى عدد من الفاعلين الجمعويين والمهتمين بالشأن الثقافي أن المهرجان لم يكن سوى امتدادا لسياسات التهميش التي تعاني منها المنطقة، وأنه حاد عن هدفه الأساسي المتمثل في إبراز الموروث الثقافي المحلي وتشجيع الطاقات الشابة والمتميزة.
كفاءات إعلامية مغيبة
من أبرز الأسئلة التي أثارت الجدل، استمرار تغييب أسماء إعلامية بارزة تنحدر من أيت الرخاء، مثل الصحفيين المعروفين بوطعام، بوفران، وبحراني، والذين راكموا تجربة كبيرة في كبريات المنابر الوطنية. وهذا التغيب يطرح تساؤلات حقيقية حول معايير اختيار من يشرف على التغطية والتنشيط، وهل الغاية كانت إبراز الكفاءات المحلية، أم الترويج لوجوه معينة بعيدة عن نبض المنطقة؟
تهميش المتفوقين من جماعة سيدي عبدالله أوبلعيد
لم يقتصر الإقصاء على الإعلاميين، بل امتد ليشمل أبناء جماعة سيدي عبدالله أوبلعيد الذين تم استثناؤهم من لائحة المتفوقين المحتفى بهم. وهو ما اعتبره العديد من أولياء الأمور “ظلما تربويا” في حق التلاميذ الذين بذلوا مجهودات كبيرة خلال الموسم الدراسي، ويستحقون التقدير والتشجيع أسوة بأقرانهم.
غياب للفن المحلي الأصيل
رغم أن المنطقة تزخر بفناني أحواش وفنانين فرديين يعتبرون رموزًا في الساحة الفنية الأمازيغية، مثل مجموعة أحواش إمدوكال، ومحمد أوصاف، والرايس علي أرخاء، والرايس محمد أرخاء، فقد غابوا جميعًا عن منصة المهرجان، مما فُسر بأنه إبعاد ممنهج للفن الأصيل لفائدة أسماء دخيلة أو مستوردة من خارج المنطقة .
الشراكة الغامضة… وسؤال المال العام
كما أثار اختيار جمعية واحدة من بين عشرات الجمعيات المحلية لعقد شراكة تنظيمية وتمويلها من المال العام، استغراباً كبيراً في الأوساط الجمعوية، التي اعتبرت الأمر تمييزاً غير مبرر وتكريساً لثقافة الزبونية والمحسوبية، بدل الانفتاح على الطاقات الجمعوية المتنوعة التي تشتغل طوال السنة رغم ضعف الإمكانيات وتساءل البعض عن إقصاء جمعية الأمل صاحبة أول مهرجان من الدعم.
غياب البنية والتأطير الموازي
ورغم توالي دورات المهرجان، فإن البنية التحتية ما تزال غائبة، حيث يتم اللجوء كل سنة إلى فضاء مؤقت لتنظيم الأنشطة (ما يُعرف محلياً بـ”لفندق” الذي أضحى متعدد التخصصات). كما يلاحظ غياب تام للأنشطة الموازية في برمجة المهرجان كتنظيم ورشات تثقيفية، ندوات فكرية، حملات طبية، أو حتى توفير خدمات أساسية مؤقتة كصهاريج الماء، ما يجعل من التظاهرة “موسماً للفرجة العابرة”، دون أثر تنموي ملموس.
في ضوء هذه الهفوات، تبدو الحاجة ملحة لإعادة النظر في طريقة تنظيم مهرجان أيت الرخاء، حتى يكون مناسبة حقيقية للمصالحة مع الساكنة، ورد الاعتبار لأبنائها، وضمان عدالة مجالية وثقافية تليق بتاريخ ومكانة المنطقة. لاسيما و أن أي مهرجان، في جوهره، ليس فقط مناسبة للفرح، بل فرصة لبناء الثقة وتكريس الانتماء… وهذا ما ينتظره الجميع.