هل تحول تيك توك إلى قناة لتدفق الملايين المشبوهة داخل المغرب؟ تساؤلات خطيرة حول الكوينزات ومصادر التمويل ..

في الآونة الأخيرة أصبح يلاحظ عدد من المواطنين داخل المغرب بروز أشخاص يظهرون بدعم مالي ضخم ومفاجئ، بمبالغ تقدر بالملايين وأحياناً بالملايير، دون أن تكون لهم مسارات مهنية أو اقتصادية واضحة تبرر هذا الحجم من الأموال، وهو ما خلق حالة من الاستغراب والقلق لدى الرأي العام، خاصة في ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها عدد كبير من المغاربة. هذا الثراء المفاجئ لا يطرح الإشكال في حد ذاته، لأن النجاح والاستثمار مشروعان، لكن ما يثير التساؤل هو غياب الشفافية وغياب مصادر دخل معلنة، مقابل استعراض واضح للأموال عبر مشاريع غير مفهومة، اقتناء عقارات، سيارات فاخرة، أو تمويلات كبيرة دون سند اقتصادي معروف.

أمام هذا الواقع يطرح المواطن المغربي تساؤلات مشروعة حول مصدر هذه الأموال، وهل هي ناتجة عن أنشطة قانونية ومصرح بها، أم أن هناك شبهات مرتبطة بتبييض الأموال، أو الاحتيال البنكي، أو الجرائم الإلكترونية، أو استعمال بطاقات بنكية مسروقة، أو العمل ضمن شبكات منظمة تستغل واجهات داخل المغرب لتحويل أموال مشبوهة إلى أموال تبدو قانونية. هذه الأسئلة لا تعتبر اتهاماً لأي طرف، بل تدخل في إطار الحق المشروع للمجتمع في المطالبة بالشفافية وحماية الاقتصاد الوطني من الممارسات التي تضر بالمنافسة الشريفة وتضرب ثقة المواطنين في المؤسسات.

المغرب يتوفر على منظومة قانونية ومؤسسات مختصة لمحاربة تبييض الأموال وتتبع التدفقات المالية المشبوهة، من بينها الأجهزة الأمنية والنيابة العامة ووحدة معالجة المعلومات المالية، وهي مؤسسات معروفة بعملها المستمر في هذا المجال، غير أن طبيعة هذه القضايا غالباً ما تكون معقدة وسرية ولا يتم الكشف عن تفاصيلها إلا بعد استكمال التحقيقات، وهو ما يفسر غياب بعض المعطيات عن الرأي العام دون أن يعني ذلك غياب المراقبة أو المتابعة.

غير أن تنامي مظاهر الثراء غير المبرر يفرض طرح الموضوع للنقاش العمومي، ويدعو إلى دور أكبر لجمعيات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية المختصة في حماية المال العام، من أجل تتبع هذه الملفات، ومراسلة الجهات المختصة، والمطالبة بفتح تحقيقات كلما توفرت معطيات أو شبهات جدية، لأن حماية الاقتصاد الوطني ليست مسؤولية الدولة وحدها بل مسؤولية جماعية تتطلب اليقظة والمساءلة في إطار القانون.

إن طرح هذه التساؤلات يهدف إلى ترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز الشفافية، وحماية ثقة المواطن في مؤسسات بلده، كما أن من كان مصدر ماله مشروعاً ومصرحاً به لن يضره أي تحقيق أو افتحاص، بل سيكون في مصلحته لتأكيد سلامة وضعه القانوني، أما من يثبت تورطه في ممارسات غير قانونية فالقانون كفيل بالتعامل معه وفق ما يضمن العدالة وحماية الصالح العام، ويبقى الفصل في كل الشبهات من اختصاص القضاء وحده دون غيره.

هذا الموضوع يندرج في إطار النقاش العمومي وطرح الأسئلة المشروعة ولا يشكل اتهاماً لأي شخص أو جهة بعينها، وإنما دعوة صريحة إلى الشفافية واحترام القانون وصون الاقتصاد الوطني …… يتبع

بقلم : مولاي الشريف أيوب

شارك الخبر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top