بقلم:فتيحة شهاب
في عالم لا يرحم الضعفاء أحيانًا، تظهر قصص تُذكّرنا بقيمة الرحمة والإنسانية، وتضع أمام أعيننا صمود الروح البشرية رغم كل العواصف. هذه واحدة من تلك القصص المؤثرة.
تحكي لنا سيدة مغربية عن رحلة حياتها منذ ولادتها وحتى بلوغها الخامسة والعشرين؛ رحلة طويلة من الألم، التهميش، والحرمان من أبسط حقوق الطفولة: الحنان والرعاية. فقد انجبتها أمها في ظروف صعبة، وتخلت عنها وهي في المهد، لتبدأ فصول حياتها القاسية بين أيدي نساءها لم يكن في قلبهن رحمة، بل استغلال وعنف.
احتضنتها امرأة لم تعرف معنى الحنان، بل جعلتها خادمة لها، وتعرضت خلالها للضرب والشتم، وأشكال متعددة من العذاب الجسدي والمعنوي، وحتى الاستغلال القسري، حسب قولها. ومع ذلك، بقيت صامدة، كالصخرة التي تواجه الأمواج العاتية، مقاومة للظلم، ومؤمنة بأن الصبر مفتاح النجاة.
حتى عند انفرادها بأحد الأقارب، لم تتوقف المعاناة، لكنها لم تفقد إرادتها، وظلت تبحث عن حياة كريمة، عن قلب محب، عن فرصة لتبدأ صفحة جديدة.
إرادة الله شاءت أن تلتقي بشخص كريم، تزوجت وأنجبت طفلة، لتصبح اليوم نموذجًا للصبر والنجاة، وقصة حيّة عن الأمل الذي ينبعث بعد كل محنة. تقول اليوم:
“الحمد لله على ما منّ عليّ به، وأدعو كل الأمهات اللواتي يلدن بطرق غير مشروعة ويخشين الفضيحة، أن يمنحوا أطفالهن لمن يعرف كيف يحبهم ويرعاهم، أو إلى دار الأيتام ليجدوا الرعاية والتربية الصالحة.”
قصتها رسالة قوية لكل المجتمع: الأطفال يحتاجون للحب والحنان قبل أي شيء، والرحمة هي القوة التي تصنع الإنسان، وتجعل من الألم درسًا وصخرة صلبة يبني عليها المستقبل.
في النهاية، تبقى هذه القصة تذكيرًا بأن كل طفل يستحق بداية عادلة، وكل روح تحتاج إلى دفء قلب يضمها، وأن العطاء الحقيقي يبدأ من الرحمة والإنسانية.

