انهيار منزل بالمدينة القديمة.. فاجعة جديدة تكشف فشل سياسة السكن وارتفاع أسعار الكراء بشكل صادم.

بقلم الملياني رضى
2025.10.22

استفاقت المدينة القديمة بالدار البيضاء على فاجعة مؤلمة إثر انهيار منزل بدرب الماض، زنقة الإنجليز، خلف ضحيتين، فيما ما تزال فرق الإنقاذ تواصل البحث عن شخص ثالث تحت الأنقاض.
حادث مأساوي يعيد إلى الأذهان سلسلة الانهيارات التي عرفتها أحياء كثيرة بالدار البيضاء، ويكشف حجم الخطر الذي يهدد حياة آلاف الأسر التي تسكن منازل آيلة للسقوط دون حلول فعلية أو بدائل آمنة.

ورغم التحذيرات المتكررة والتقارير التقنية التي تؤكد هشاشة هذه المباني، فإن السلطات لم تتخذ بعد خطوات حقيقية وجذرية لمعالجة هذا الملف. فحق المواطن في السكن الآمن أصبح حلما بعيد المنال، في ظل برامج سكنية معقدة وباهظة الكلفة.

إن مشاريع السكن الاقتصادي التي تتحدث عنها الحكومة لم تعد في متناول الفئات الفقيرة، إذ يشترط للاستفادة منها توفير مبلغ لا يقل عن 12 مليون سنتيم (120.000 درهم)، وهو مبلغ يفوق قدرة آلاف المواطنين الذين بالكاد يؤمنون قوت يومهم.

وفي المقابل، ومع توالي قرارات هدم المنازل المهددة بالانهيار، وجد السكان أنفسهم في دوامة جديدة: رحلة بحث عن شقة للكراء بأسعار لا تطاق.
ففي تراب عمالة الفداء مرس السلطان، على سبيل المثال، بلغ كراء بيت ومطبخ 1.500 درهم شهريا، بينما وصل كراء شقة صغيرة مكونة من غرفتين ومطبخ إلى 2.500 درهم، مع تسبيق يصل إلى مليونين سنتيم (20.000 درهم).
والمفارقة أن أغلب هذه الشقق يتجاوز عمرها 80 سنة ومافوق، ومع ذلك تكترى بأسعار مرتفعة لا تتناسب مع حالتها المتهالكة ولا مع القدرة الشرائية للمواطنين.

والأدهى من ذلك أن الكثير من الملاكين يتهربون من أداء الضرائب، ولا يقدمون وصل الكراء للمكتري، في غياب أي مراقبة أو ردع قانوني، مما جعل سوق الكراء يعيش فوضى حقيقية.
وهنا تبرز الحاجة إلى تدخل عاجل من وزارة الداخلية ووزارة الإسكان لوقف هذا العبث، وفرض رقابة صارمة على سوق العقار، ومعاقبة كل من يستغل حاجة الناس أو يرفع الأسعار بشكل غير مبرر.

فالحكومة مطالبة بوضع خطة سريعة لتوفير بدائل حقيقية للأسر المهددة، بدل تركها تواجه الموت أو الجشع.
من قلب المدينة القديمة، ومن الأحياء الشعبية في الفداء مرس السلطان، تتعالى صرخة المواطنين المطالبين بـ توفير سكن اقتصادي لا يتجاوز طاقتهم ، حتى يكون في متناول ذوي الدخل المحدود والفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة.
فالمواطن لا يريد قصورًا ولا امتيازات، كل ما يريده سقفًا آمنًا يقيه البرد والمطر، ويحفظ كرامة أسرته. الحق في السكن الآمن ليس ترفا بل واجبا وطنيا،
وعلى الحكومة أن تسمع هذه الصرخة قبل أن تتحول إلى فواجع جديدة في أحياء أخرى.

شارك الخبر:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top