تشهد الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في القارة الأفريقية تحولًا مهمًا، مع دراسة جادة لإقامة قاعدة عسكرية ضخمة في المغرب، في إطار مراجعة شاملة لهياكل القيادة في القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم). ويأتي هذا التوجه في ظل التنافس الجيوسياسي المتصاعد مع قوى عالمية كبرى، أبرزها الصين وروسيا، وسعي واشنطن إلى تعزيز حضورها وقدرتها على حماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
فصل القيادة العسكرية الأفريقية عن الأوروبية
وافق مجلس الشيوخ الأمريكي مؤخرًا على تعيين قائد جديد لأفريكوم، وهو ما أسفر رسميًا عن فصل القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا عن القيادة المشتركة مع أوروبا (USAREUR-AF). ووفق خبراء، فإن الهيكل المشترك السابق كان يبطئ عملية الاستجابة السريعة للتحديات الأمنية، في حين يمنح الفصل الجديد مرونة أكبر وسرعة في اتخاذ القرارات الميدانية.
المغرب… المرشح الأقوى لاستضافة المقر الجديد
وفقًا لمصدر متخصص في الشؤون الدفاعية، تبرز المملكة المغربية كأحد أبرز المرشحين لاستضافة المقر الجديد لأفريكوم. ويعود ذلك إلى مجموعة من العوامل، أهمها:

الموقع الجغرافي المتميز في شمال أفريقيا، الذي يتيح الوصول السريع إلى مناطق مختلفة من القارة.
البنية التحتية اللوجستية القادرة على دعم عمليات عسكرية واسعة النطاق.
العلاقات الدفاعية الوثيقة بين الرباط وواشنطن، والتي تعززت عبر عقود من التعاون الأمني والعسكري.
شراكة عسكرية راسخة
لطالما كان المغرب شريكًا موثوقًا للولايات المتحدة، ويتجلى ذلك في المناورات العسكرية السنوية “الأسد الأفريقي”، التي تُعد من أضخم التدريبات العسكرية في القارة، بمشاركة آلاف الجنود من مختلف الدول. ويُتوقع أن يسهم إنشاء قيادة عسكرية أمريكية دائمة في المغرب في تعزيز القدرات الدفاعية الثنائية، ورفع مستوى التنسيق الميداني لمواجهة التهديدات الإقليمية.
تأثير استراتيجي على موازين القوى في أفريقيا
يرى محللون أن هذه الخطوة، إذا ما تم تنفيذها، ستمنح الولايات المتحدة ميزة استراتيجية كبيرة في أفريقيا، من خلال:
تعزيز سرعة الانتشار العسكري في بؤر التوتر.
تقوية الردع ضد أي نفوذ منافس، خاصة من الصين وروسيا.
زيادة التعاون الأمني والاستخباراتي مع حلفاء واشنطن في المنطقة.
في ظل المتغيرات الجيوسياسية الراهنة، يبدو أن إقامة قاعدة أمريكية كبرى في المغرب لن تكون مجرد مشروع عسكري، بل خطوة استراتيجية من شأنها إعادة رسم ملامح التوازن الأمني في القارة الأفريقية، وترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين لسنوات قادمة.